❗خاص❗ ❗️sadawilaya❗
حمزة العطار
خالفت جلسة الحكومة التي انعقدت نهار الثلاثاء كل تفاهمات سبقتها لجهة تمرير الجلسة بلا مواضيع أو مواقف استفزازية، وولّدت في الوقت عينه موقفين متناقضين، قد يسير التمسك بأحدهما نحو حافة الهاوية، بل ينزلق إلى الهاوية نفسها ويزيد معاناة اللبنانيين، ويخلق جواً مشابهاً لما تشهده ساحات المنطقة وما يُحَضر لها، فهل هكذا تدار الدول وهل هكذا تقوم الحكومات بواجباتها، ومن أوعز بحدوث ما قد يحدث، بل ومن المستفيد ؟
جلسة كان مقرراً لها أن تخرج بأقل الخسائر ويتم تجنيب أي تصادم قد يحصل لما سيكون له من تأثير وصدامات في الشارع، وهي أمور حساسة لا يجوز المساس بها، أولها وأهمها حماية البلد من أي اقتتال داخلي، حيث كانت اللقاءات الجانبية التي سبقت الجلسة، قد أنتجت هذا التفاهم، كما وتم الاتفاق على إيلاء مايسترو ايجاد المخارج والحلول، أقصد دولة الرئيس نبيه بري، على السعي مجدداً لحل عقد هذه الاشكالية، لتأتي الجلسة مخالفة في بعض مجرياتها لإتفاقات سابقة، كادت أن تأخذ البلاد إلى غير محله، وتودي بفتنة كبرى، لن يسلم الجميع من تأثيراتها ونتائجها، وستكون اسرائيل، كما العادة في هكذا خلافات، المستفيد الأول بل المستفيد الوحيد .
هدوء بدأته جلسة الثلاثاء وحوار إيجابي وموضوعي كان يدور في دقائق بدايتها، إلى أن هبت العاصفة التي أسقطت الحكومة، في عدة مجالات ومغالطات، وربما تؤدي بها إلى السقطة التي لا عودة ورائها، ليكون هناك خلط اوراق جديد، قد يلغي ما اتُفق عليه، وقد يؤكده أحياناً، ومثلما كان يُفترض أن يتم من مناقشة هادئة وموضوعية بغية الوصول الى نتيجة مرضية للجميع، تحاكي الواقع وفق متغيرات نشأت السير في هذه الجلسة بحضور الجميع, خاصة وزراء الثنائي، جاءت الضربة القوية التي أربكت الحضور، ومعهم الشعب اللبناني، تمثلت، بضرورة التصويت على المقترحات لتمريرها بأي طريقة وأخذ مواثيق وعهود في أوقات محددة علماً أنها كانت أمور متفق عليها قبل البدء، لكن تحرك رئيس الحكومة ومعه الوزراء القواتيون، أخرج ما أخرج من حدة ونقاش، انتهت إلى إعلان رفع الجلسة وتحديد يوم الخميس موعداً قادماً لها . خيراً فعل فخامة رئيس الجمهورية بهكذا مبادرة سحبت معها فتيل الأزمة أو أقله اجلتها، ولكن إلى أجل مسمى والى وقت قريب، تأتي بعده افعال، لا يمكن التنبؤ إلى أن يمكن أن تودي بالبلد .
بداية، أزمة السلكي التي افتعلتها الحكومة سابقاً منذ سنين خلت، أبرزت بعضاً مما يمكن أن يكون نتيجة هكذا تسرع، وجعلت من لبنان ساحة اقتتال دام أيام في وقت أظهرت فيه المقاومة أنها تستطيع بيسر وسهولة السيطرة على البلاد بكل مرافقها، كما تستطيع اليوم، أما اليوم مع ضغط أميركي وعربي مدفوع، ووعود بتدخلات إقليمية إسرائيلية أو عربية، واعتبار أن المقاومة فقدت كل عناصر القوة لديها، أكسب الجميع الجرأة للسير في هكذا مشروع، غير آبهين لما قد يلحق بلبنان واللبنانيين من هكذا تهور .
بداية، فليكن واضحاً أن العاقل بل العاقل جداً والذي يعي مصلحة الجميع، اقصد السيد الشهيد قد ارتقى إلى العلياء، وقد بات العقلاء في المقاومة قلة، لا أستخف بشخص الأمين العام حالياً او اي قيادي آخر لا سمح الله، إنما ظروف المرحلة ومتغيراتها قد تفتح معها باب العقاب والمحاسبة القاسية والعادلة، طبيعي نظراً لما تقتضيه المرحلة، أمام أبواب رحمة ومسامحة كان يفتحها السيد الشهيد قبلاً، وبالمناسبة فإنه في الماضي قبيل استشهاد الحاج عماد مغنية، سأله أحد الأشخاص ممازحاً، كيف ستكونون بعد السيد حسن، فأجابه، أنه مع رحيل السيد حسن، فإنه يذهب العاقل الوحيد بين قيادات المقاومة، أكرر لا أتقصد الحمق أو التلكؤ أو التقصير من قبل الآخرين، فهم مصداق خير مَن حُمّل الأمانة وأكمل الطريق، بل أعني أن أي حسابات خاطئة، موتورة في هذا الظرف، قد تلهب الجغرافيا اللبنانية، ومعها قد تتناثر بعض خيوط اللهب نحو الجوار، ومن يتكل على إسرائيل أو على دول الجوار، فليتابع جيداً حقيقة المأزق الذي يعيشونه، وعدم الإحاطة بكل موجودات هذه الدول من أفراد وجماعات وعدم القدرة على توجيهها مثلما يريدون أو حيث يريدون، فخيار تدخل الآخرين ينتفي نتيجة مشاكلهم الداخلية، ومن يظن أن قوة الحزب قد تلاشت، فليسأل معلميه الاميركيين والاسرائيليين ليجيبونه الجواب اليقيني الذي بات لديهم، أن قوة هذا الحزب لا تزال كبيرة، مع فارق، يمكننا أن نعرف في السابق مقدارها أما اليوم، فنحن نعيش العمى والتكتم بهذا الصدد، وبالتالي لم يعد بمقدورنا أن نعرف حجم ومقدار هذه القدرات، والثابت الوحيد المتأكدون منه، أنه لا يزال يملك ولا يزال يستقدم ولا يزال يصنع، كثيراً من قدرات، ستترك آثارها على الصهاينة لعقود إن إستخدمت .
المرحلة دقيقة لا تستدعي الادعاء بالرجولة المخادع لمن مرغت أنوفهم سابقا اقدام المقاومين، وما هدوء المقاومة وصمتها لحكمة أن تلقي تبعات أدوار هذه المرحلة على الدولة لتأخذ دورها الطبيعي، فما كان منها إلا أن تنطحت تسابقاً لإرضاء الأميركي وبالتالي إرضاء الأسرائيلي على حساب ابنائها وأرضهم وأرزاقهم .
نصيحة لمن يود أن ينتصح، أن تعيدوا حساباتكم، وتتعظوا من خذلان من وعدكم بالنصرة لشعوب المنطقة قبلاً وتتعظوا من كل ما جرى . راهنوا على ابنائكم، راهنوا على مقاومتكم، راهنوا على جيشكم، راهنوا على شعبكم، وحكما لن تخسروا الرهان، أخرجوا من عنق الزجاجة التي أرادت أميركا إدخالكم بها كرمى لعيون الصهاينة وسارعوا إلى تصحيح اخطائكم وهفواتكم وذلاتكم، فإن الرجوع عن الخطأ فضيلة .
حمزة العطار